الشبكة اليمنية لتدقيق الحقائق- جميل الجعدبي
بالتزامن مع الضربات الجوية لطيران القوات الامريكية البريطانية على محافظات يمنية يومي الجمعة والسبت 12- 13 يناير/ كانون الثاني 2024 ، سارعت قنوات فضائية وحسابات شخصية شهيرة وصفحات إخبارية على شبكات التواصل الاجتماعي بنشر معلومات تضليلية/ غير دقيقة بينها مقاطع فيديو لما إدعت انها مشاهد للغارات الجوية على صنعاء والحديدة.
حيث نشر حساب قناة (المهرية) الفضائية على منصة يوتيوب مقطع فيديو تحت عنوان "قصف العدوان الأمريكي البريطاني على صنعاء"، وقد حصد المقطع 257.345 مشاهدة حتى تاريخ 15 يناير 2024بالاضافة الى 752 تعليقا، وعدد 2800 اعجاب.
وبالمثل نشرت قناة "الهوزر تعز" على يوتيوب مقطع فيديو مماثل بعنوان "لحضات ضرب التحالف الامريكي الاسرائيلي البريطاني محافظة تعز وصنعاء والحديدة وحجة وصعدة وذمار"، وحصل المقطع خلال فترة 4 أيام من نشره على عدد 430.085 مشاهدة، بالإضافة الى أكثر من 1000 تعليقا، وعدد 5 الاف إعجاب.
ومثلهما فعل حساب احمد صالح على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، الذي نشر الادعاء بعنوان "هجوم امريكي - بريطاني واسع جدا متزامن بصواريخ توماهوك تنطلق من الطائرات الحربية والغواصات والسفن الحربية حاليًا علي اليمن ضد الحوثي غارات القصف الان على العاصمة صنعاء والحديدة وصعدة وذمار".
وقد حظى المقطع بعدد 129 الف مشاهدة حتى تاريخ اعداد هذه المادة، وعدد 167 إعادة نشر، وعدد 244 تفاعلاً وعدد 10 تعليقات.
معايير ومنهجية تدقيق حقائق محتوى الفيديوهات
استنادا الى معايير الشبكة اليمنية لتدقيق الحقائق، وهي المعايير العامة التقليدية لاختيار مواضيع الاخبار والقصص لتدقيق محتواها، فإن توقيت هذه الاخبار حديثاً وما يزال تأثيرها مستمراً، وتحظى باهتمام فئة كبيرة من الجمهور داخل وخارج اليمن.
كما إن تدقيق محتوى هذه الاخبار يخدم المصلحة العامة ويحمى الجمهور والرأي العام من مخاطر الاضطراب المعلوماتي والتضليل خاصة في أوقات الازمات والحروب.
حسب منهجية الشبكة اليمنية لتدقيق الحقائق، بدأنا بقراءة ومشاهدة المحتوى في مقاطع الفيديو المنشورة بعين متشككة، ولاحظنا في بعض المقاطع صوراً لأشجار نخيل في شارع عام، الامر الذي بدى مثير للشك والريبة ويتناقض مع الواقع في حقيقة أن تكون المقاطع في مدينة صنعاء.
كما لاحظنا عند تحليل صور المحتوى في معظم المقاطع أن مشهد مرور شاحنة رفع وانزال بضائع متوسطة الحجم اثناء اشتعال النيران في الموقع المستهدف بغارات الطيران، هو المشهد المتكرر في الادعاءات المنشورة على أنها لحظات الغارات الامريكية- البريطانية على صنعاء يوم الجمعة 12 يناير2024.
من هذه النقطة رأينا الحاجة الى تقسيم الفيديو الى فريمز/ صور وذلك عبر الأداة والتوقف عند الثانية 5 والتي تظهر صورة مكتملة الابعاد والمعالم لجسم الشاحنة يمكن البناء عليها للتحقق من دقة هذا المحتوى.
الخطوة الثانية استخدمنا خدمة البحث العكسي عن الصور ومقاطع الفيديو الصغيرة في Google لنحصل على أول نتيجة حددت تاريخ أول نشر للصورة ولمقطع الفيديو، حيث أظهرت نتيجة البحث أن مقطع الفيديو المزعوم انه لضربات الطيران الأمريكي البريطاني على صنعاء يوم 12 يناير 2024، نُشر لأول مرة في تاريخ 3 سبتمبر/أيلول 2023م تحت عنوان (لحظة انفجار المحطة المركزية للغاز التابعة للمفزر في صنعاء جولة آية سترك يارب على عبادك) وذلك عبر قناة اسطورة صنعاء للعقارات على يوتيوب كما هو مبين بالصورة رقم 4.
أدلة إضافية ومصادر متعددة
لدعم هذا الدليل الذي كشف عدم دقة الفيديو، اتجهنا لجمع أدلة إضافية أخرى من مصادر أولية /ثانوية، رسمية / اهلية ، من خلال استخراج واستخدام الأسماء والاوصاف والتعليقات والنصوص التعريفية المرفقة بمقاطع الفيديو.
وأظهرت نتائج البحث عن كلمات (شركة الغاز، صنعاء، شركة المفزر، إنفجار ) نشر خبر الانفجار والحريق بهذه المحطة من مصادر أولية وفي وسائل اعلام رسمية بتاريخ 3 يوليو/ سبتمبر 2023 ، وفقا لصحيفة 26 سبتمبرنت على شبكة الانترنت.
حيث نقلت هذه الصحيفة الناطقة باسم وزارة الدفاع في صنعاء عن مصدر في مصلحة الدفاع المدني قوله :" ان مقطورة غاز انفجرت في المحطة وان رجال الإطفاء وسيارات الإسعاف هرعت الى المنطقة وسط صعوبة في الوصول بسبب كثافة النيران وتواجد قاطرات محملة بالغاز يجري العمل على إخراجها" .
كما نقلت صحيفة "الأمناء" الاهلية في ذات التاريخ عن المتحدث الرسمي باسم الشركة اليمنية للغاز في صنعاء ، على معصار، قوله :"أن ماس كهربائي في حوش شركة "يمن غاز" الواقعة أمام معسكر الخرافي بعد جولة آية، تسبب بحدوث حريق أدى إلى انفجار مقطورة غاز" وأن قوات الدفاع المدني تحركت إلى المكان لإخماد الحريق.
بناء على ذلك تبيّن الأدلّة الموثّقة هنا أنّ مقاطع الفيديوهات المنشورة على أنّها لضربات الطيران الأمريكي – البريطاني على محافظات صنعاء تعز ذمار الحديدة حجة يومي الجمعة والسبت 12-13 يناير / كانون الثاني 2024 ، هي ادعاءات تضليلية/ مزيفة/ غير دقيقة، وأن محتوى كبير منها ظهر أنه خارج سياق وزمن الادعاء.
وأن مقاطع الفيديو المزعومة أنها للحظة ضربات الطيران الأمريكي البريطاني على اليمن هي مقاطع مركّبة / مقتطعة من مقاطع قديمة لحادثة إنفجار/ حريق مقطورة لتعبئة أسطوانات غاز منزلي في صنعاء قبل 4 شهور و10 أيام العام الماضي 2023.
وأن التلاعب في مقاطع الفيديو ونشرها تحت هذه العناوين بما تتضمنه من معلومات ومقاطع فيديو وصورا تضليلية يهدف الى إثارة استجابة عاطفية للجمهور المستهدف، وتحقيق معدلات وصول مرتفعة على وسائط التواصل الاجتماعي.
قائمة روابط الأدلة والمصادر: